الذباب الإلكتروني .. سرطان العالم الرقمي
يتراءى إلى ذهنك عند سماع هذا المصطلح لأول مرة أنه قد تم صنع ذباب إلكتروني من قبل الدول المتطوره التي في تقدم تكنولوجي دائم، ولكن للأسف هذا المصطلح يحمل معاني أخطر من مجرد -ذبابة-، فهو مصطلح مستحدث خاص بالعالم الرقمي حيث يتم إنشاء حسابات وهمية مبرمجة كل دورها التضليل وطمس الحقائق، تدار آلياً من قبل مبرمجين تابعين لجهات رسمية أو غير رسمية أو منظمات أو أفراد.
عند الإطلاع على تاريخ هذا المصطلح نجد أنه أثناء الحرب الروسية الأوكرانية تم إيجاد حسابات وهمية روسية تنشر قاعدة آراء مع روسيا حيث مايقارب من 60 موقع ينشر أخبار مزيفة كلفت أكثر من 100.000 دولار إعلانات على منصة التواصل -فيسبوك- لكتابة منشورات لدعم روسيا في الحرب الروسية.
أما في سنة 2022م تم إنشاء حوالي 2000 حساب وهمي علي منصة التواصل الإجتماعي -تويتر- كان هدفها تضليل الحقائق بين الشعب الأمريكي وقت حدوث الإنتخابات، وعند البحث عن أصول تلك الحسابات الوهمية تم التأكد من أنها صينية الأصل ولكن اللغه كانت الإنجليزية لزيادة تأكيد صحة الإشاعات المراد نشرها.
وفي أوائل القرن الحالي تم نشر مقال كامل باللغة الإنجليزية على أحد المواقع الإسرائيلية عن أهمية إستخدام -الذباب الإلكتروني- ومدى تأثيره إيجابياً لصالحهم في تضليل وتزييف الحقائق، و تم ذكر إسم الشركة المنوطة بذلك وهي PERCEPTO International هدفها تغيير الرأي العام بالتأثير على التصور العام هو -قوة عظمى- في مختلف المجالات التي تتراوح من السياسة للنشاط الإجتماعي إلي الإنفاق الإستهلاكي، وتم ذكر أن أهم مؤسسيها متقاعد عسكري من الجيش الإسرائيلي.
فمن الواقع أن -الذباب الألكتروني- ليس بهين أبداً، فالحروب تعددت أنواعها: حروب إقتصادية، حروب أسلحة ودمار، حروب نفسية وأيضاً حروب إعلامية. وتلك الأخيرة جنودها هم -الذباب الإلكتروني-.
ولذلك إتجهت معظم الدول مؤخراً بالتفكير ووضع استراتيجيات ممنهجة لمنع مثل تلك الهجمات والتصدي لها عن طريق تكوين -جيوش إلكترونية-، فهذه -الجيوش الإلكترونية- تكون عبارة عن تنظيم يتم تكوينه لتنفيذ هجمات إلكترونية إما لدعم قضية أو مجرد تحقيق مكاسب شخصية أو لدعم مصالح إستراتيجية للبلد.
ويعود ظهورها إلي الثمانينات عندما استخدم مصطلح -الجيوش السيبرانية- لأول مرة لوصف إستخدام شبكات الكومبيوتر للهجوم والدفاع ضد الأهداف العسكرية والحكومية.
وفي التسعينات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرون بدأ المتسللون بتنفيذ الهجمات الإلكترونية وكانت تركز بشكل عام على القرصنة أو التسبب في إضطراب بدلاً من التسبب في ضرر مادي.
فمن الضروري أخذ الإحتياطات اللازمة لمواجهة ظاهرة -الذباب الإلكتروني- وحماية النسيج المجتمعي من التفكك بكافة أشكاله والإجتماع سوياً للتصدي لمثل تلك الهجمات المراد بها دفعنا إلى حافة الهاوية.
كما جاء في كتاب الله تعالي: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ”
(سورة الحجرات، الآية 6)
لا يوجد تعليقات