كن طموحا.. وثق بالله
الطموح… نور الحياة الذي لا ينطفئ في حياة كل إنسان لحظة يقف فيها أمام نفسه ويسأل: “لماذا خُلقت؟ ما هدفي في هذه الحياة؟” قد تكون الإجابة ضبابية أحيانًا، لكنها دائمًا ترتبط بكلمة واحدة: الطموح. الطموح ليس مجرد رغبة عابرة أو حلم يراودنا قبل النوم، بل هو القوة الداخلية التي تدفعنا للنهوض بعد كل سقوط، وللإصرار رغم العثرات، وللإيمان بأن لنا دورًا ورسالة خلقنا الله من أجلها. كم مرة شعرت بأن الدنيا تضيق عليك، وأن الظروف قاسية، وأن الأبواب مغلقة في وجهك؟ كم مرة تساءلت: “هل ما زال حلمي ممكنًا؟ هل سأصل يومًا لما أريد؟”. في هذه اللحظات، يكون الطموح هو الضوء الذي ينير لك الطريق، هو الصوت الذي يهمس في أذنك: “لا تستسلم، لا تتخلَّ عن حلمك، فالله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.
الله لم يخلقنا عبثًا، ولم يضعنا في هذه الدنيا بلا هدف. كل شخص يحمل في قلبه حلمًا، شغفًا معينًا، شيئًا يحبه ويشعر بأنه جزء من روحه. هذا الشغف هو رسالتك، هو الشيء الذي يجب أن تسعى إليه بكل قوة، لأنه ليس مجرد رغبة شخصية، بل جزء من الخطة الإلهية التي كُتبت لك منذ ولادتك. الطموح ليس رفاهية، وليس خيارًا نملكه أو نتخلى عنه، بل هو ضرورة، لأنه هو الذي يجعلنا نشعر بأننا أحياء بحق. الإنسان الذي لا يملك طموحًا، يعيش بلا روح، يتحرك في الحياة كجسد بلا معنى، يُسيّره الروتين، ويستهلكه الملل. لكن صاحب الطموح، حتى وإن تعثر، تظل روحه مشتعلة بالأمل، يبحث عن الفرص، يحارب، يحاول، ويسير في طريقه بثبات.
قد يقول البعض: “لكن الواقع صعب، والظروف أقوى من أي طموح.” نعم، هذا صحيح، الدنيا ليست سهلة، ولن تُفرَش لنا الطرق بالورود. سنواجه الرفض، سنشعر بالإحباط، وربما نبكي ليالي طويلة من شدة التعب، لكن السؤال الأهم: هل سنستسلم؟ الحياة دائمًا تختبرنا، تريد أن ترى هل نحن حقًا متمسكون بأحلامنا أم سنتركها عند أول عقبة؟ وهنا يأتي دور الإيمان بالله والتوكل عليه، لأن الطموح وحده لا يكفي، بل يجب أن يكون مصحوبًا بالثقة في أن الله يجهز لنا الخير، حتى وإن تأخر، حتى وإن كنا لا نفهم لماذا تأخرت أحلامنا أو لماذا سلكنا طرقًا صعبة. كم من شخص ظن أن حلمه قد انتهى، ثم فجأة، بقدرة الله، وجد بابًا لم يكن يتوقعه يُفتح أمامه! كم من قصة نجاح بدأت بالفشل والانكسار، ثم أصبحت ملهمة للعالم كله! السر ليس في عدم الفشل، بل في عدم الاستسلام له، والاستمرار رغم كل شيء.
إذا كان الطموح هو النار التي تدفعنا للأمام، فإن الأمل هو الهواء الذي يبقينا على قيد الحياة. لا شيء يقتل الروح أكثر من فقدان الأمل، ولا شيء يجعلنا نتحمل قسوة الأيام سوى يقيننا بأن الغد سيكون أجمل. الأمل ليس مجرد كلمة، بل هو فلسفة حياة. أن تؤمن بأنك قادر، وأن الله لن يتركك، وأن حتى الألم الذي تمر به الآن له حكمة لن تفهمها إلا لاحقًا. الأمل هو أن تبتسم رغم الدموع، أن تستيقظ كل صباح وتقول: “اليوم يوم جديد، فرصة جديدة، خطوة أخرى نحو حلمي.
ربما تتساءل: “لكن لماذا بعض الناس يحققون أحلامهم بسهولة، بينما آخرون يعانون؟” الحقيقة أن الطموح وحده ليس كافيًا، بل يجب أن يكون مقرونًا بتقوى الله. التقوى تعني أن نسير في طريقنا دون أن نظلم أحدًا، أن نكافح بشرف، أن نبذل أقصى جهدنا ولكن دون أن ننسى أن الرزق بيد الله. التقوى هي أن نعمل بجد، ثم نترك النتيجة لله، واثقين بأن ما سيأتي هو الخير، حتى وإن كان مختلفًا عن توقعاتنا. كم من شخص حقق نجاحًا لكنه فقد راحته؟ وكم من شخص ظن أن حلمه قد ضاع، ثم عوضه الله بما هو أعظم؟ لهذا، من أهم أسرار النجاح الحقيقي أن يكون طريقنا نظيفًا، أن نكون صادقين مع أنفسنا ومع الناس، وألا ننسى أبدًا أن الله هو الموفق، وأنه عندما يرى صدق نوايانا، سيكرمنا بأكثر مما حلمنا.
تمسك ب حلمك… فالله معك، الحياة ستظل دائمًا مليئة بالتحديات، وستظل هناك لحظات نشعر فيها بالضعف والانكسار، لكن الفرق بين الناجحين وغيرهم هو أن الناجحين لا يسمحون لهذه اللحظات بأن تكسرهم. إذا كنت تحلم بشيء، فتمسك به بكل قوتك، اعمل عليه، تعلم، حاول، لا تستسلم أبدًا. حتى إن تعثرت، حتى إن تأخرت، لا تفقد الأمل أبدًا، لأن الله يرى، ويسمع، ويعلم كم تعبت، وهو العدل، ولن يضيع تعبك أبدًا. النجاح ليس مجرد هدف نصل إليه، بل هو الرحلة التي نعيشها، والتحديات التي نواجهها، والإيمان الذي نحمله في قلوبنا طوال الطريق. فكن مؤمنًا، طموحًا، متفائلًا، واثقًا أن الغد يحمل لك الخير، وأن حلمك مهما بدا بعيدًا، سيصبح يومًا ما حقيقة، لأنك تستحق، ولأن الله لا يخذل من يحسن الظن به.
لا يوجد تعليقات