الهاليو كلمة كورية أضيفت مؤخراً لقاموس أكسفورد إلى اللغة الإنجليزية مع ١٩ كلمة كورية أخرى تعادلها في أهميتها وتعني حرفياً -الموجة الكورية- وهذا يلقي الضوء على المد الثقافي الكوري الذي يشهد صعوداً متواصلاً في مختلف أنحاء العالم.
فكيف ومتى بدأت هذه الموجة الكورية؟ وكيف إستفادت منها كوريا الجنوبية داخلياً وهل نجحت في إكسابها قوه ناعمة على الساحة الدولية؟
في البداية، غالباً لم يكن منا يعرف الكثير عن الثقافة الكورية حتى وقت قريب نسبياً وما تشملها من الموسيقى الشعبية أو الدراما الكورية، ربما إرتبط اسم كوريا الجنوبية بإنتاج السيارات أو الأجهزة المنزلية وأحياناً بالأزمات السياسية التي تنشب بين الحين والآخر.
مصطلح هاليو استخدم للمرة الأولى من قبل صحفيين صينين في أواخر التسعينيات للإشارة إلى التصاعد السريع في شعبية الثقافة الكورية الجنوبية، تزامن ذلك مع النجاح الكبير الذي حققته مسلسلات درامية كورية جنوبية.
منذ منتصف العقد الأول من الألفية الثانية إلى نهايته كان إنتشار الموجة الكورية يتزعمه بالأساس فرق غنائيه نسائية ورجالية مثل: BigBang و BTS، وخلال تلك الفترة تمكنت الموجة الكورية من توسع قاعدة معجبيها عالمياً لتشمل أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط ولا سيما بين فئة المراهقين.
ومنذ عام ٢٠١٠م زاد التوسع في قاعدتها لتشمل التقاليد والأطعمة والأدب واللغة وقد ساعدها في ذلك منصات التواصل الإجتماعي.
بين عامي 2013-2016 أظهر تقرير لرابطة اللغات الحديثة في الولايات المتحدة زيادة عدد دارسي اللغة الكورية في الجامعات الأمريكية بنسبة 14% في وقت شهد إنخفاضاً في الإقبال على تعلم اللغات بشكل عام.
في عام 2020م بدأ فريق BTS فصلاً جديداً في تاريخ موسيقى الكي-بوب عندما إحتلت أغنيته -داينامايت- قائمة BillBoard Hot 100 لأسبوعين متتاليين، وسبق ذلك إعلان منظمة EFBI التي تمثل صناعة الموسيقى العالمية من نفس العام عن أن هذا الفريق هو الأول عالمياً من حيث مبيعات الأغاني وكانت هذه هي المرة الأولى التي يفوز بها بهذا اللقب فريق غير عربي وفريق معظم أغانيه بلغة غير اللغة الإنجليزية.
من أحد الظواهر الكورية الجنوبية الأخرى التي لقت إنتشاراً واسعاً هي ظاهرة Mukbank -موكبونغ- وهي من الكلمات التي أضيفت أيضاً مؤخراً إلى قاموس أكسفورد، وتعني فيديو يبث على الأنترنت ويظهر فيه شخص يتناول كميات كبيرة من الطعام، وقد أصبح لمثل هذا النوع من الفيديوهات جمهور كبير من الأشخاص المهتمين بمثل تلك النوعية من الفيديوهات.
عند النظر إلى -هاليو- من المنظور السياسي فنجد أن ذلك لم يأت من قبل الصدفة، بل لطالما خططت كوريا الجنوبية على إستخدام تلك الموجه كمصدر للقوة الناعمة، وبالمناسبة فإن مصطلح -القوة الناعمة- هو مصطلح ابتكره -جوزيف ناي- عالم السياسة الأمريكي والمسؤول السابق في إدارة الرئيس كلينتون في أواخر الثمانينات ويعني قدرة بلد ما على إقناع الآخرين بفعل ماتريد بدون إستخدام القوة أو الترهيب.
وكان نتاج ذلك التخطيط الذكي لكوريا الجنوبية متميزاً وفعالاً فتضمن الآتي:
قررت الحكومة الكورية رفع الحظر الذي كان مفروضاً على سفر المواطنين الكوريين إلى الخارج مما شجع عدداً منهم على إستكشاف البلدان الأوروبية.
ركز الرئيس السابق -كيم داي جونغ- على تكنولوجيا المعلومات والثقافة الشعبية بوصفهما المحركين الرئيسين لمستقبل كوريا الجنوبية.
إلغاء قوانين الرقابة التي كانت تمنع صناع السينما وغيرهم من الفنانين من تناول القضايا التي تعتبر مثيرة للجدل وذلك أتاح العديد من الفرص لجيل الشباب للتعبير عن أفكار أكثر جرأه من خلال السينما والموسيقى.
زيادة إهتمام الشركات الكبرى كسامسونج بعلامتها التجارية حيث تم التركيز بشكل أكبر على الجودة والتصميم والتسويق على مستوى عالمي.
زيادة التركيز على البنية التحتية إذ شرعت الحكومات الكورية في إنفاق مبالغ طائلة للإنترنت والإستثمار في المشروعات الواعدة.
وأخيراً والجدير بالذكر إن ظاهرة موجة هاليو تجاوزت كونها مجرد ثقافة شعبية إلى حركة عالمية أثرت بعمق على مجالات متعددة بدءًا من الموسيقى والسينما وصولاً إلى الموضه واللغة، وعلى الرغم من بعض التحديات التي تواجه موجة هاليو فإن مستقبلها يبدو واعداً مع تزايد الإهتمام بها في جميع أنحاء العالم.
لا يوجد تعليقات