هجمة مرتدة بين الألتراس ولاعبي كرة القدم
تعتبر هتافات كرة القدم جزءاً لا يتجزأ من ثقافة الملاعب وهي تتجاوز كونها مجرد تشجيع اللاعبين او استعراض للولاء، إذ اصبحت تعبيراً عن العواطف والمشاعر التي يحملها المشجعون تجاه فرقهم المفضلة، وكثيراً ما تكون هذه الهتافات مزيجاً من الحماسة والسخرية والفكاهة، وفي لحظات معينة تتحول هذه الهتافات إلى مواقف طريفة تصنع ذكريات لا تنسى. كيف اصبحت تلك الهتافات جزءاً من المتعة التي تحيط باللعبة؟ مما يجعل حضور المباريات تجربة لا تقتصر على الرياضة بل تتعداها إلى تجربة اجتماعية مليئة بالمرح والاثارة.
الألتراس هذه كلمة السر وراء كل هذا التشجيع والحماس في مباريات كرة القدم، وهي كلمة لاتينية الأصل تعني المتطرفين ويكونوا على شكل مجموعات لتشجيع الفرق الرياضية والمعروفة بإنتمائها وولائها الشديد لفرقها، انشئت اول فرقة أولتراس عام 1940م بالبرازيل وعرفت بأسم Torcida ثم انتقلت الظاهرة إلى اوروبا وهناك كان إستحداث استخدام الالعاب النارية والشماريخ كطريقة للتعبير عن حبهم وتشجيعهم للفريق في الملعب.
للألتراس علامات واضحة تفرق بينهم وبين المشجع العادي الغير منتمي للألتراس، يوجد عدة مبادئ أساسية لمشجعي الألتراس:
عدم التوقف عن التشجيع والغناء طوال التسعين دقيقة من عمر المباراة أياً كانت النتيجة.
عدم الجلوس طوال المباراة، ليقوموا بدلاً من ذلك بالتشجيع والمؤازرة لفريقهم حتى صافرة النهاية.
الذهاب خلف فريقهم لحضور جميع المباريات داخل البلاد أو خارجها أياً كانت التكلفة أو المسافة.
من الصعب اختيار مجموعة الالتراس رقم 1 في العالم في ظل وجود العديد من المجموعات التي تبهرنا كل عام باللوحات الفنية والأهازيج لكن بدون شك تعتبر جماهير نادي -أوليمبيك مرسيليا- الفرنسي الأكثر جنوناً وشغفاً بالعالم.
هكذا تحولت تلك الهتافات الى أوراق رابحة لدى عشاق الساحرة المستديرة، فما بين –الثالثة شمال- النشيد الأشهر للنادي الأهلي المصري و –لن تسيروا وحدكم أبداً- لفريق النجم محمد صلاح –ليفربول الإنجليزي- تضم قائمة أغاني المشجعين الكثير والكثير من الكلمات التشجيعية.
واحد من أسباب تعلقنا الأزلي بلعبة كرة القدم يكمن في عنصر المفاجأة وتلك الأحداث الغير متوقعة كتسديدة مباغتة أو مراوغة تحبس الأنفاس ولكن جنون الكرة لا يتوقف هنا حتماً، هل تخيلت يوماً أن يتدخل أمير دولة في تحكيم المباراة وتغيير قرارات الحكم؟ أو حكم يطرد لاعباً بعد الإنذار الثالث؟ أو تسائلت عن توتر العلاقة بين كرة القدم وشعب الولايات المتحدة الأمريكية؟ هل اهتممت مسبقاً بمعرفة أعظم خطة عرفتها كرة القدم للدفاع ضد الركلات الثابتة؟
حدث في مونديال المنتخبات العربية في كأس العالم عام 1982م بمباراة فرنسا والكويت حيث تقدمت فرنسا بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، وحين جاء تسجيل الهدف الرابع الفرنسي حدثت إعتراضات صاخبة من لاعبي المنتخب الكويتي إعتقاداً منهم بسماع صافرة الحكم من المدرجات وتوقف اللعب، فتجاهل الحكم السوفيتي إحتجاجات اللاعبين فإندفع الأمير فهد الأحمد رئيس الإتحاد الكويتي لكرة القدم في الملعب ليتحدث مع الحكم لإلغاء الهدف وتم تغريم الأمير 11 ألف دولار.
أما في مونديال عام 1994م الذي أقام على أرض الولايات المتحدة الأمريكية كمحاولة لجذب سكان تلك الدولة إلى لعبة كرة القدم التي لا يحبذونها، وأحيت حفلة الإفتتاح المطربة –ديانا روس- بركلها كرة القدم في المرمى وكان من المتفق عليه أن يؤدي الحارس الممثل أمامها دوره في محاولة إلتقاطها ولكن لسوء الحظ تسكن الكرة الشباك ثم يسقط المرمى إلى نصفين بفعل عوامل التعرية.
قد يكون هذا أحد أسرار حب الأمريكين للبيسبول ونعتهم لكرة القدم بأنها –رياضة غبية بأي حال- كماجاء في صحيفة New York Post.
هناك قاعدة حسابية جديدة بكرة القدم وهي 1+1+1=2 حيث حققها الحكم الإنجليزي غراهام بول في كأس العالم عام 2006م في المواجهة بين كرواتيا واستراليا التي سجلت الرقم القياسي العالمي في عدد الإنذارات التي يمكن للاعب واحد الحصول عليها، ولكن كمتابع لكرة القدم لا يصح أن نذكرك بتلك المعلومة البديهية أن اللاعب يتم طرده بعد حصولة على إنذارين فقط.
أما عن طرافة مواجهة الضربات الثابتة فحاول المدربين إنتهاج العديد من السبل في دفاع المنطقة وصولاً إلى الركض الجماعي للأمام قبل شوط الكرة ليقع كل مسددي الخصم في مصيدة التسلل مثل ماحدث على يد لويس إنريكس مدرب برشلونة ضد باريس سان جيرمان.
إستكمالاً لغرائب كرة القدم، حيث كانت مباراة أرسنال وضيفه ليفربول في عام 2002م حافلة بالتوتر بين لاعبي الفريقين، قد أصيب جيمي كاراغر في راسه بعملة معدنية بقيمة 1 جنية إسترليني ألقاها أحد الجماهير عليه من المدرجات فما كان من مدافع ليفربول إلا أن ألقاها تجاه المدرجات غاضباً ليتم رصده من قبل الحكم الذي أشهر في وجهه البطاقة الحمراء وتم إيقافه وحرمانه من اللعب في المنتخب لمدة معينة من الوقت وتغريمه 40 ألف جنيه إسترليني.
ومن أطرف المواقف، كان –بيلية- أسطورة كرة القدم إنحدر مستواه في منتصف ستينات القرن الماضي ولكن –الجوهرة السمراء- إكتشف هذا السر ونسبه إلى فقدانه –قميص حظه- الذي أهداه إلى أحد مشجعي سانتوس، وقام باستئجار مفتشاً خاصاً لمساعدته في الأمر حتى عثر عليه، وإستعاد بيليه ذلك القميص بالفعل ومعه عاد إلى مستواه المعهود.
وأخيراً سنتناول أغرب مباراة في التاريخ في عام 1945م قامت مباراة بين أرسنال الإنجليزي ودينامو الفرنسي وكانت تقام على أرض لندن، وكان الجو سئ جداً حينها والضباب يملئ الملعب ومع ذلك رفض الحكم تأجيل المباراة، وكان نتيجة لذلك أن الأرسنال كان يلعب بـ15 لاعب حيث كان يتم تغيير اللاعبين بدون خروجهم من الملعب، كما أن الحكم طرد لاعب ولكنه لم يخرج من الملعب، فمن شدة الضباب لم يكن يرى من يدخل ومن يخرج والأغرب من ذلك هو تعرض حارس المرمى للأرسنال لإصابة ولم يكن له لاعب إحتياطي فنزل أحد المشجعين ليقف مكان الحارس.
كرة القدم متعة غير متناهية وهتافات كرة القدم والمواقف الطريفة التي تشهدها الملاعب جزءاً لا يتجزأ من سحر هذه اللعبة الشعبية، بقدر ماتكون المباريات حافلة بالتنافس والتوتر فإن تلك اللحظات الطريفة والهتافات المبتكرة تضفي جواً من المرح وتربط الجماهير بلحظات لا تنسى، كرة القدم ليست مجرد رياضة بل حكاية إجتماعية تتجدد مع كل مباراة.
لا يوجد تعليقات